الحقيقة والجمال
عادل محمود الأمين
كان " وحيد " الجميل يمتلك مرآة ، هذه المرآة
يعلوها الصدأ ، حتى أنه كان يرى فيها صورة مشوشة ومبهمة لنفسه ،
صورة باهتة لا تدل أبداً على حقيقته ، أخذ وحيد
يجلي هذه المرآة الصادئة ، ومع مرور الأيام أخذت في
اللمعان ، فماذا رأى عندما نظر إليها ؟ رأى نفسه
، كان جميلا جداً ، ثم أمعن في جلي المرآة
ونظافتها ، ماذا رأى هذه المرة؟! رأى الجمال
فقط ، ذلك الجمال والسحر الذي يغلف الأشياء ، الجمال الرباني
هذه المرآة التي كان يمتلكها وحيد هي مرآة الكون التي في قلبه أما وحيد فهو الإنسان الذي كان الصدأ يغطي قلبه ، لذلك كان لا يرى حقيقة الجمال الإلهي الذي يغلف الأحياء والأشياء " كن جميلاً ترى الوجود جميلا " .
إن الكون الذي نعيش فيه مظهره مادي ومخبره روحي وفطرة الإنسان الطيبة تبحث دائماً عن الحقيقة والجمال وتستشفها في كل المحسوسات حوله ، لماذا قلنا الحقيقة أولاً والجمال ثانياً ؟ إن للمعاني غير المنظورة قيمة جمالية يمكن أن يرمز لها الإنسان بشيء محسوس ، مثلاً رمزنا إلى الحقيقة بالشمس وللجمال بالقمر ، فمنذ الأزل أضحت الشمس رمزا للحقيقة والقمر رمزا للجمال بما أن القمر يستمد ضوءه الفضي الساحر من الشمس ، كان لا بد أن يستمد الجمال سحره من الحقيقة ، لذلك نجد الجمال ليس قيمة مجردة بل تستمد عناصر من الحقيقة . اذاً ما هي الحقيقة ؟ لنرى ذلك من منظور أفلاطوني معاصر (الكهف الأفلاطوني) ونرجع لنضرب مثلا بالسينما ذلك الواقع السحري الذي يشبه حياتنا كثيراً ، عندما نجلس على مقعدنا في دار السينما نحملق في الشاشة البيضاء ، لحظات ثم تظلم القاعة وينبعث أمامنا عالم حقيقي يضج بالحركة والحياة ، لكن هل ما نشاهده موجود حقيقة أمامنا ؟ إنه في الحقيقة ليس أمامنا بل انعكاس لعالم خلفنا مجرد ظلال وأشباح فقط . فالحياة التي نعيشها بريق زائف يخدع الإنسان سرعان ما ينقضي ويستيقظ الإنسان من هذا الحلم الجميل .. ويواجه الحقيقة !!
ماذا عن الجمال ؟ إذا أردنا أن نعرف الجمال لا بد من تصنيفه إلى نوعين من الجمال : الجمال الحسي وهو الجمال الذي يحدث اختلاجات في الجسد أو بمعنى أدق في النفس وهذا جمال المخلوقات المحسوسة كلها ، هذا النوع من الجمال يزول بزوال المؤثر ، النوع الثاني الجمال المعنوي ، هذا الجمال الذي تجسده القيم غير المنظورة في المجتمع الانساني (الأخلاق) ويسمى الجلال ويبقى تأثيره بعد زوال المؤثر ، فنحن دائماً نذكر المآثر الحميدة لأناس طواهم الموت منذ دهور .
إن تركيبة الإنسان من روح وجسد هي العلة الفاعلة فيه التي تجعله يشعر بقيمة الجمال بنوعية إن تركيبة الإنسان الغريبة من روح أزلية وجسد فاني تولد في نفسه الأحساسيس المتناقضة والمبهمة عن الجمال ، فالإنسان العادي يسعى لتحقيق السعادة المطلقة بأستغلال جسده وإنهاكه في المتع الحسية وقد يسبب له ذلك آلاماً شديدةً لأن القيمة المحدودة للجسد لا يمكن أن تعطي سعادة مطلقة ، لذلك نرى بعض الناس في سعيه لهذه السعادة المرجوة يسحل روحه ويسحبها بعنف في أوحال الحياة ومباهجها الزائفة . كيف نحصل على السعادة المطلقة ؟! .. إن السعادة الحقيقية في الحب ، لأن الحب من خصائص الروح ، ينبع الحب في منطقة النفس ، هنا يجب علينا أن نعرف النفس ، إنها البرزخ الذي يربط بين الروح والجسد إذا رمزنا للروح والجسد بقطبي مغنطيس الجسد من أسفل والروح من أعلى النفس تحتل منطقة الوسط وتتدرج سبع درجات في سلم المعاني السامية ، وهي كالآتي من أسفل إلى أعلى (النفس الأمارة ، النفس اللوامة ، النفس الملهمة ، النفس المطمئنة ، النفس الراضية ، النفس المرضية ، النفس الكاملة) والنفس الكاملة الأخيرة كما لها نسبي يتفاوت فيه الناس ، إن الحب الذي ينشأ في منطقة النفس حباً جسدياً مرتبطاً بالجنس لغرض الزواج وإثمار الولد وذلك للمحافظة على النوع الإنساني ثم يسمو هذا الحب ويتدرج إلى حب المخلوقات ثم يرتفع في المراقي السامية إلى حب واجد الموجودات " الله جل جلاله " لذلك فالدعوة للسعادة هي دعوة إلى مزيد من الحب ، حتى يفيض الكأس ، وإقصاء الكراهية والحقد لأنها تسود حواشي القلب ، أيها الإنسان إن الكأس لا يتسع لمشروبين إملأ الكأس بخمر الحب وأنثره على الجميع ، دعك من الخمر المغشوشة التي يجسدها النفاق ، الذي هو آفة الآفات ، إن النفاق شجرة لا تثمر إلا الشوك ، فكن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين فيستقيم الميزان وتنعم بالسعادة الحقيقية .
إن أول الحقائق التي يجب أن يعرفها الإنسان هي حقيقة نفسه ، الإنسان الذي يجهل حقيقة نفسه لا بد أن يجهل حقيقة الآخرين ، فيسيء معاملتهم وتتشوه مرآة قلبه . وهناك أربعة أنواع من مرايا القلوب ، البعض يملك مرآة مقعرة تعظم له الأشياء التافهة وهذا هو الشخص المنافق ، البعض يملك مرآة محدبة تصغر له الأشياء العظيمة وهذه مرآة المغرور والبعض يملك مرآة مهشمة تريه الأشياء مشوهة وهذه مرآة الجاهل ، والبعض الأخير يملك مرآة مستوية تريه الأشياء على حقيقتها وهذه مرآة الإنسان الواعي ، أيها الإنسان تأكد أي نوع من المرايا تملك وأبدأ معنا رحلة البحث عن الذات ، عن ذلك الفردوس المفقود " إن المسرح الحقيقي الوحيد هو ما كان مرآة للحياة ، حيث يجيء كل إنسان ليشاهد ويتأمل ، يتأمل عصره ، ويجعل من نفسه في ذات الوقت صورة عالمية للنوع البشري " .
هذه المرآة التي كان يمتلكها وحيد هي مرآة الكون التي في قلبه أما وحيد فهو الإنسان الذي كان الصدأ يغطي قلبه ، لذلك كان لا يرى حقيقة الجمال الإلهي الذي يغلف الأحياء والأشياء " كن جميلاً ترى الوجود جميلا " .
إن الكون الذي نعيش فيه مظهره مادي ومخبره روحي وفطرة الإنسان الطيبة تبحث دائماً عن الحقيقة والجمال وتستشفها في كل المحسوسات حوله ، لماذا قلنا الحقيقة أولاً والجمال ثانياً ؟ إن للمعاني غير المنظورة قيمة جمالية يمكن أن يرمز لها الإنسان بشيء محسوس ، مثلاً رمزنا إلى الحقيقة بالشمس وللجمال بالقمر ، فمنذ الأزل أضحت الشمس رمزا للحقيقة والقمر رمزا للجمال بما أن القمر يستمد ضوءه الفضي الساحر من الشمس ، كان لا بد أن يستمد الجمال سحره من الحقيقة ، لذلك نجد الجمال ليس قيمة مجردة بل تستمد عناصر من الحقيقة . اذاً ما هي الحقيقة ؟ لنرى ذلك من منظور أفلاطوني معاصر (الكهف الأفلاطوني) ونرجع لنضرب مثلا بالسينما ذلك الواقع السحري الذي يشبه حياتنا كثيراً ، عندما نجلس على مقعدنا في دار السينما نحملق في الشاشة البيضاء ، لحظات ثم تظلم القاعة وينبعث أمامنا عالم حقيقي يضج بالحركة والحياة ، لكن هل ما نشاهده موجود حقيقة أمامنا ؟ إنه في الحقيقة ليس أمامنا بل انعكاس لعالم خلفنا مجرد ظلال وأشباح فقط . فالحياة التي نعيشها بريق زائف يخدع الإنسان سرعان ما ينقضي ويستيقظ الإنسان من هذا الحلم الجميل .. ويواجه الحقيقة !!
ماذا عن الجمال ؟ إذا أردنا أن نعرف الجمال لا بد من تصنيفه إلى نوعين من الجمال : الجمال الحسي وهو الجمال الذي يحدث اختلاجات في الجسد أو بمعنى أدق في النفس وهذا جمال المخلوقات المحسوسة كلها ، هذا النوع من الجمال يزول بزوال المؤثر ، النوع الثاني الجمال المعنوي ، هذا الجمال الذي تجسده القيم غير المنظورة في المجتمع الانساني (الأخلاق) ويسمى الجلال ويبقى تأثيره بعد زوال المؤثر ، فنحن دائماً نذكر المآثر الحميدة لأناس طواهم الموت منذ دهور .
إن تركيبة الإنسان من روح وجسد هي العلة الفاعلة فيه التي تجعله يشعر بقيمة الجمال بنوعية إن تركيبة الإنسان الغريبة من روح أزلية وجسد فاني تولد في نفسه الأحساسيس المتناقضة والمبهمة عن الجمال ، فالإنسان العادي يسعى لتحقيق السعادة المطلقة بأستغلال جسده وإنهاكه في المتع الحسية وقد يسبب له ذلك آلاماً شديدةً لأن القيمة المحدودة للجسد لا يمكن أن تعطي سعادة مطلقة ، لذلك نرى بعض الناس في سعيه لهذه السعادة المرجوة يسحل روحه ويسحبها بعنف في أوحال الحياة ومباهجها الزائفة . كيف نحصل على السعادة المطلقة ؟! .. إن السعادة الحقيقية في الحب ، لأن الحب من خصائص الروح ، ينبع الحب في منطقة النفس ، هنا يجب علينا أن نعرف النفس ، إنها البرزخ الذي يربط بين الروح والجسد إذا رمزنا للروح والجسد بقطبي مغنطيس الجسد من أسفل والروح من أعلى النفس تحتل منطقة الوسط وتتدرج سبع درجات في سلم المعاني السامية ، وهي كالآتي من أسفل إلى أعلى (النفس الأمارة ، النفس اللوامة ، النفس الملهمة ، النفس المطمئنة ، النفس الراضية ، النفس المرضية ، النفس الكاملة) والنفس الكاملة الأخيرة كما لها نسبي يتفاوت فيه الناس ، إن الحب الذي ينشأ في منطقة النفس حباً جسدياً مرتبطاً بالجنس لغرض الزواج وإثمار الولد وذلك للمحافظة على النوع الإنساني ثم يسمو هذا الحب ويتدرج إلى حب المخلوقات ثم يرتفع في المراقي السامية إلى حب واجد الموجودات " الله جل جلاله " لذلك فالدعوة للسعادة هي دعوة إلى مزيد من الحب ، حتى يفيض الكأس ، وإقصاء الكراهية والحقد لأنها تسود حواشي القلب ، أيها الإنسان إن الكأس لا يتسع لمشروبين إملأ الكأس بخمر الحب وأنثره على الجميع ، دعك من الخمر المغشوشة التي يجسدها النفاق ، الذي هو آفة الآفات ، إن النفاق شجرة لا تثمر إلا الشوك ، فكن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين فيستقيم الميزان وتنعم بالسعادة الحقيقية .
إن أول الحقائق التي يجب أن يعرفها الإنسان هي حقيقة نفسه ، الإنسان الذي يجهل حقيقة نفسه لا بد أن يجهل حقيقة الآخرين ، فيسيء معاملتهم وتتشوه مرآة قلبه . وهناك أربعة أنواع من مرايا القلوب ، البعض يملك مرآة مقعرة تعظم له الأشياء التافهة وهذا هو الشخص المنافق ، البعض يملك مرآة محدبة تصغر له الأشياء العظيمة وهذه مرآة المغرور والبعض يملك مرآة مهشمة تريه الأشياء مشوهة وهذه مرآة الجاهل ، والبعض الأخير يملك مرآة مستوية تريه الأشياء على حقيقتها وهذه مرآة الإنسان الواعي ، أيها الإنسان تأكد أي نوع من المرايا تملك وأبدأ معنا رحلة البحث عن الذات ، عن ذلك الفردوس المفقود " إن المسرح الحقيقي الوحيد هو ما كان مرآة للحياة ، حيث يجيء كل إنسان ليشاهد ويتأمل ، يتأمل عصره ، ويجعل من نفسه في ذات الوقت صورة عالمية للنوع البشري " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق