الموضوع: قيل "إن الدولة هي التي تصنع حرية المواطنين" حلل هذا القول و ناقشه"

الإصلاح:
مقدمة:
كلما تم التفكير في علاقة الدولة بالمنتمين إليها إلا و تسللت معضلة تتفجر تناقضا و تعلن عن ضرورة معالجتها. ففي الوقت الذي تكاد تغادر فيه القوة كل حكم سياسي يشترط الفرد طريقة خاصة من الممارسة السياسية تحفظ له حريته التي يكون الأمر الذي حتم التشريع لنوعية من الأنظمة السياسية لا تتعارض فيها قوة الدولة مع حرية المواطنين و إنما تصنعها و توفر شروطها تحققها.
فأي معنى يقتضيه فهم قوة الدولة؟ هل يجب الإقرار إن ما تستحوذ عليه الدولة من قوة يتعارض ضرورة مع كل إمكانية لحماية حرية الإفراد المنتمين إليها أم يجب القول إن الدولة تحتاج من القوة ما يجعلها تضمن استقرارها الذي به وحده يتحقق امن المواطنين و حريتهم؟ وإذا سلمنا بهذه العلاقة التي تربط بين الحرية و المواطنة الا يعني هذا الاعتراف شكل الحكم السياسي للدولة وهو النظام الديمقراطي؟ إلا يجوز القول ان التلازم بين الدولة و القوة لا يجعل من الدولة الا اداة هيمنة و قهر مهما عملت على الحد من قوتها او الحرص على توجيهها؟
التخطيط:
1-قوة الدولة:
*معنى القوة:
تعني القوة في معناها العام مجموعة الاستعدادات ذات النفوذ المادي كقدرات يتمتع بها البعض و يستعملونها كأدوات لحفظ حرياتهم و حماية حقوقهم.
القوة هي الوسيلة التي تستند الى تكريس نوع من العنف و هي نوعان=
أ-قوة مادية.
ب-قوة مجردة
*علاقة الدولة بالقوة:
أ-حاجة الدولة للقوة = تتخذ القوة حاجات استعماليه مختلفة بحسب الوظيفة التي توكل إليها.
+تحتاج الدولة القوة لتحقيق سيادتها.
+تحتاج الدولة القوة لحفظ حكمها و الاستمرار فيه.
+تحتاج الدولة القوة لتحفظ امن أفرادها و حرياتهم داخلها.
ب-خصائص القوة=
+قوة غير شرعية تستند الى استعمال القوة دون وجه الحق.
+قوة شرعية تعول على قوة الحق و تعمل على تكريسه في ممارسة حكمها بما يحفظ انتماء أفرادها المنخرطين داخلها.
ينبني استعمال هذا النوع من القوة للدولة على أساس اتفاقي و أصل قانوني.
عنصر تخلص= استنتاج+سؤال.
2-القوة الشرعية للدولة تصنع حرية المواطنين
*معنى المواطن و علاقته بالدولة الديمقراطية=
مفهوم"يصنع" يتضمن في ذاته ما يميز بين أنواع الحرية.
+الحرية الطبيعية= الأساس الطبيعي للحرية الذي يتأسس على ما هو مطلق.
+الحرية المدنية و السياسية التي تتأسس على ماهو مقيد بما يكفل تحقيق حرية الجميع دون اعتداء الواحد على الآخر.
تستعمل الدولة الديمقراطية القوة الشرعية لحماية حرية مواطنيها.
تنطلق الدولة الديمقراطية من الاعتراف المتبادل بين من يحكم وبين من يخضع مما يجعل الأفراد المنتمين للدولة يشاركون في الحكم و هو ما يعين مبدأ الاعتراف بهم لا مجرد كائنات تنتمي للدولة و لكن كمواطنين أحرار و فاعلين داخل ممارسة الحكم السياسي.
تتجاوز الدولة مبدأ اخضعا الإفراد لسلطتها بموجب ما تتمتع به من أدوات القوة و النفوذ نحو توجيه نظام حكمها توجيها أكثر تشاركا يستعيد فيه الإفراد كيانهم السياسي الذي يعبر عن إرادتهم.
*الحرية المدنية داخل الدولة الديمقراطية
- الحرية يحكمها الخضوع للعقل.
تكفل الدولة الديمقراطية الحرية لا تلك الحرية التي توجهها الرغبات و إنما هي حرية العقل ذاته.
"يقع تجاوز الخضوع لسيطرة الشهوة العمياء نحو الخضوع للعقل" سبينوزا.
لا يتحقق هذا المشروع إلا إذا ما أمكن للإنسان التخلص من أهوائه و انفعالاته.
ا- الإرادة العامة= طاعة الإرادة العامة تحقيق للحرية. روسو"وحدها الإرادة العامة تستطيع توجيه قوى الدولة وفق الغاية التي أنشئت من أجلها وهي الخير المشترك"
ب-الالتزام بروح القوانين كقوة مجردة=

-بإمكان القوانين التي وقع تشريعها ان تتحول الى قوة تدافع عن الحق و تمارس الحياد و الموضوعية التي من شأنها أن تحقق المساواة بين الجميع.
النقاش=
أ*المكاسب
-الدعوة إلى تجاوز استعمال القوة بالمعنى الفاشي و الدكتاتوري فإذا كان من الضروري التعويل على القوة. فعلى الأقل يجب توجيهها.
إذا لم يكن بالإمكان التخلص من قوة الدولة فيجب على الأقل الحد من استعمالاتها بإخضاعها للمراقبة الشرعية.
-الرفع من قيمة المواطن =التفعيل السياسي لحضور المواطن داخل الدولة.
-تجاوز التصور الشائع عن علاقة القوة بالدولة و التي تختزل القوة كعنف نحو إنشاء صورة أخرى لها تجد أرقى أشكال تحققها في القانون.
-لقد أمكن لنموذج الدولة الديمقراطية إن يعالج إشكال حقيقيا يخص أسلوب استعمال القوة دون انحراف بها من ناحية مثلما يخص طاعة الإنسان للدولة يتجاوز الإحراج الذي يشعر به الإنسان الذي أطاع غيره كانسان نحو إيجاد نموذج صوري للطاعة و أكثر حماية للإنسان من انحرافات قوة الدولة.
ب* الحدود
-قوة الدولة التي تؤسس لها الموضوع و التي تنبني على الاعتراف بحرية المواطنين هو تصور نظري و إجرائي يكذبه الواقع السياسي لان الغاية الأولى للدولة هي حماية حرية السلطة و صلاحيتها و ليس الدفاع عن حرية المواطن.
-قد يحيل مفهوم"يصنع" داخل الموضوع إلى الافتعال وهو ما يحول حرية المواطنين داخل الدولة إلى حرية مصطنعة و مفتعلة في حين يحتاج الإنسان الى حرية حقيقية.
-الحرية لا تحتاج لقوة تحققها لان الإنسان كائن حر بطبعه مثلما يؤكد ذلك فلاسفة العقد الاجتماعي.
الخاتمة=
يبدو إن علاقة قوة الدولة بالأفراد لا يمكن فهمها أو تغييرها إلا بتحويل البنية السياسية الخاصة للسلطة و" لا تمر قدرة التنظيم و اتخاذ القرار الا عبر سلطة الإنسان و بمحاذاة كل البشر" بتعبير ريكور.
فإذا لم يكن بالإمكان انتزاع القوة من الدولة فعلى الأقل يجب إلا تحتكر من الإكراه المادي إلا ماهو شرعي.

ليست هناك تعليقات:

للتواصل معنا

kassebi.chedli@gmail.com

التوقيت بالعالم